ناشطة لبنانية: حرائق الصوامع تفجر شكوكاً بشأن التلاعب في تحقيقات مرفأ بيروت
ناشطة لبنانية: حرائق الصوامع تفجر شكوكاً بشأن التلاعب في تحقيقات مرفأ بيروت
قالت الناشطة اللبنانية البارزة نعمت بدر الدين، إن ثمة شكوكاً تثار بشأن عدم السماح بإخماد الحرائق في صوامع القمح بمرفأ بيروت والتي اندلعت بها الحرائق منذ أكثر من أسبوعين.
وأوضحت بدر الدين، في تصريح لـ"جسور بوست"، أن هناك قراراً رسمياً بمنع الاقتراب من محيط الصوامع تحت ذريعةِ أنها آيلة للسقوط، وأن استعمال المياه يفاقم الوضع، علماً بأن هذه التبريرات تثير العديد من الشكوك والمخاوف.
وأضافت: "أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أغسطس 2020) يخشون أن تكون الحرائق مقدّمة لهدم (الأهراءات)، قبل إعلان نتائج التحقيقات وإجلاء الحقيقة وتحقيق العدالة ومحاسبة المسؤولين عن انفجار المرفأ، خاصة أنهم يعتبرونها (في إشارة للصوامع) مسرحاً للجريمة".
ومرارا نظم أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت وقفات احتجاجية، للمطالبة ببقاء صوامع الحبوب المتهالكة في موقعها كنُصب تذكاري على الأقل، أو إلى حين الانتهاء من التحقيق المتوقف والمجمد في الانفجار.
ويرى النشطاء السياسيون أن مساعي هدم صوامع القمح، يهدف بالأساس إلى طمس معالم جريمة انفجار المرفأ.
وانتقدت نعمت بدر الدين "عدم السماح لعناصر الدفاع المدني أو فرق الإطفاء بالاقتراب من الصوامع التي تندلع بها الحرائق منذ أيام، بحجة الحفاظ على السلامة العامة".
وتابعت: "الحكومة اللبنانية اتخذت قرارًا بهدم صوامع القمح في مرفأ بيروت قبل أشهر –لم ينفذ حتى الآن- إذ قال وزير الأشغال العامة علي حمية في ديسمبر 2021 إن المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ أكد أنه لا داعي للإبقاء على الصوامع، لأن التحقيقات بلغت مرحلة متقدمة ولم تعد مسرحاً للتحقيقات كما كانت من قبل".
وأشارت بدر الدين إلى أهمية صوامع القمح بمرفأ بيروت، كونها تمثل ذاكرة جماعية لبيروت وسكانها، كما أنها تعد جزءا من التاريخ الحديث للبنان، وبالتالي يجب أن تبقى حاضرة لكي نستمر في محاسبة السلطة السياسية المسؤولة عن اغتيال اللبنانيين يوميا".

وفي مارس الماضي، اعتبر وزير الثقافة محمد وسام المرتضى، مبنى الصوامع بمرفأ بيروت ضمن "الأبنية التاريخية" ومنع هدمها أو تنفيذ أي أعمال فيها دون موافقة رسمية مسبقة.
وعقب ذلك بشهر، قال وزير الإعلام زياد مكاري، إن تقريرا فنيا حكوميا خلص إلى ترجيح انهيار صوامع الحبوب في المرفأ خلال الأشهر المقبلة وأن تجديدها سيكون مكلفا للغاية، ما دفع وزير الثقافة إلى التراجع عن قراره السابق، قائلا في تغريدة عبر حسابه على تويتر: "تبين أن الصوامع غير قابلة للترميم، وبقاءها يعرضنا لكارثة أخرى فوجب التحسب".
وقالت نعمت بدر الدين: "لا يثق اللبنانيون بالسلطة السياسية، لعدم التزامها بالشفافية أو احترامها لإرادة المواطنين، إلى جانب عدم الاكتراث بمشاعر ذوي ضحايا انفجار مرفأ بيروت، والذين يخشون إخفاء أدلة الاتهام وطمس الحقائق قبل إعلان نتائج التحقيقات ومحاكمة الجناة".
ومضت قائلة: "كنشطاء سياسيين نثق في رأي نقابة المهندسين اللبنانية، والتي أبدت في بياناتها الدهشة والتعجب من سرعة القرارات الحكومية بشأن هدم مبنى الصوامع بمرفأ بيروت".
وأضافت: "هناك تساؤل أيضا بشأن مدى مشروعية استخدام أموال المانحين لعملية هدم الصوامع، في حين تعيش البلاد كارثة اقتصادية غير مسبوقة، والإسراع في اتخاذ قرار الهدم بمعزل عن نقابة المهندسين وذوي ضحايا انفجار المرفأ".
وخلصت نعمت بدر الدين إلى "وجود نية لهدم الصوامع لطمس معالم التحقيق المتوقف منذ عام كامل، عبر إضرام الحرائق لرفع درجة حرارة الحديد والخرسان وانهيار الصوامع تلقائياً بفعل ألسنة النيران".
وقالت: "هناك أيضا تقارير تتحدث عن مخاطر بيئية وصحية لاستمرار اندلاع حرائق الصوامع، نظرا لتطاير ألياف الأسبستوس والتي تتسبب بتليّف الرئة والإصابة بالسرطان خلال سنوات قليلة".
وقبل أيام، أوضحت المديرية العامة للدفاع المدني في لبنان، في بيان، أنّ الحريق اندلع جرّاء انبعاثات ناتجة عن تخمير مواد موجودة في محيط صوامع القمح نتيجة الانفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت عام 2020.
وأوضحت المديرية، أن "هذه المواد غير معروفة بسبب عدم تحديد أنواع المواد الكيميائية المترسبة إثر الانفجار، وما نتج عنها من تفاعلات كيميائية جديدة ومعقدة نتيجة اختلاط الغازات المنبعثة مع غازات أخرى موجودة في الهواء".
وأشارت المديرية إلى أن أي تدخل لإطفاء الحريق سواء بواسطة المياه أو مواد الإطفاء، سيؤجل المشكلة لبضعة أيام ليعود النار والدخان لإنتاج آثار جديدة ربما تتسبب بأضرار جديدة أكثر فداحةً.
وحذر رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، من مخاطر انهيار إحدى صوامع الحبوب في مرفأ بيروت، بسبب حريق مستمر يتسع وسط حرارة الصيف وارتفاع الرطوبة، في مشهد قد يكرر مأساة انفجار المرفأ.
ويأتي الحادث مع اقتراب حلول الذكرى الثانية لانفجار المرفأ، الذي وقع في أغسطس 2020، وأودى بحياة 200 شخص وإصابة 6 آلاف آخرين، فضلا عن دمار هائل لحق بمعظم بنايات العاصمة اللبنانية.